"مركز جلال طالباني”… تكريس لفكر التعايش وحوار الحضارات

2025-05-26

في قلب القاهرة، وفي زمن تتشابك فيه الأزمات وتتداخل الجغرافيا بالهويات، يُفتتح قريبًا “مركز جلال طالباني للدراسات العربية الكردية والدولية” ليكون أكثر من مجرد صرح أكاديمي؛ بل وعدًا صادقًا باستمرار الحوارات التي بدأها رجل من طراز خاص… 
الرئيس جلال طالباني، الذي لم يكن فقط زعيمًا كرديًا، بل صوتًا عابرًا للحدود، صديقًا صادقًا للعرب، ورجل دولة حمل على كتفيه همّ العراق، وهمّ التعددية، وهمّ التعايش.

لم تكن علاقة الرئيس جلال طالباني بمصر علاقة عابرة أو بروتوكولية، بل علاقة ذات جذور فكرية وتاريخية. 
ففي لحظات التحولات الكبرى التي شهدها العراق والمنطقة، كانت القاهرة دائمًا منبراً استمع فيه مام جلال إلى نبض العرب، وشارَكهم رؤيته لدولة مدنية، تعددية، عادلة. وكان من القلائل الذين أدركوا أن قوة الكرد لا تُبنى على العزلة، بل على التحالفات الثقافية والسياسية مع العرب، وعلى رأسهم مصر.

اليوم، يتحول هذا الإرث إلى مؤسسة.

في 31 من شهر آيار الجاري، سيفتتح  هذا المركز، ليكون بمثابة تجسيد حي لرسالة الرئيس طالباني. رسالة لم تنتهِ برحيله، بل تبدأ من جديد في هذه المساحة التي تهدف إلى البحث والتبادل والتحليل، وتطمح لأن تكون منارة حقيقية لتعميق الفهم المتبادل بين العرب والكورد، ولتناول قضايا الشرق الأوسط برؤية علمية، تتجاوز الانفعالات والأيديولوجيات الضيقة.

ويأتي افتتاح المركز بالتزامن مع احتفالات اليوبيل الذهبي للاتحاد الوطني الكردستاني، وهي لحظة رمزية تُجسد انتقال الفكرة من جبهات النضال إلى مؤسسات الفكر. 
فالكرامة القومية، كما كان يقول مام جلال، لا تنفصل عن الثقافة، ولا يمكن الدفاع عنها إلا بالعلم والكلمة والحوار.

ويؤكد الدكتور ياسين الملا، ممثل الاتحاد الوطني في القاهرة، أن “المركز ليس مجرد مبادرة ثقافية، بل هو مشروع استراتيجي طويل المدى، يهدف إلى بناء قاعدة معرفية مشتركة بين العرب والكورد، وإلى استكشاف مساحات التعاون في عالم يتغير بسرعة”.

ومن المرتقب أن يستقطب المركز نخبة من المفكرين، الأكاديميين، وصناع القرار، من مصر وكردستان والعالم العربي، ليشكّل حلقة وصل ضرورية ومنبرًا لتحويل الذاكرة المشتركة إلى مشاريع مستقبلية.

بافتتاح هذا المركز، تُؤكَّد مرة أخرى تلك الحقيقة التي جسدها مام جلال في حياته: أن الحوار هو الخيار الوحيد، وأن مصر – بأزهرها وثقافتها ومكانتها – كانت وستبقى شريكًا طبيعيًا للكورد في صناعة السلام والمعرفة.

زیاتر بخوێنەرەوە

Copyright © 2025 . PJT Foundation. All right reserved